الأحد، صفر ٠٧، ١٤٢٨

مأزق الهيئة

الأمر الذي يجهله الكثيرون ممن يتذمرون من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو أنها جهاز حكومي رقابي بمثابة شرطة آداب مهمتها كبح السلوكيات السيئة والتصرفات اللاأخلاقية وردعها
وليس من المنتظر أن تكون الهيئة ذات سلطة تأديبية بل المطلوب الردع عن السلوك المشين ،
وهي بذلك تمثل جهازا له صفته القانونية ولو وجوده في جميع الدول حتى العلمانية منها
فهناك حدود متعارف عليها من السلوك المتحضر والفعل القويم لا ينبغي الابتعاد كثيرا عنها في أي بلد بل ينبغي مراعاتها وحمايتها ولابد أن يتم ذلك على أيدي فئة تتمتع بالسلطة أو التفويض الرسمي بذلك

والسؤال هو : مم تستمد الهيئة سلطتها ؟
برأيي أن الهيئة تستمد سلطتها من الدولة وليس من الدين
فإذا كان الدين يوجب أن تكون هناك أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، فلايعني هذا أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصورتها الحالية هي هذه الأمة
ولأن الدولة ملكية مما يعني أن مصدر السلطات فيها هو الملك وليس الشعب فلا يحق أن يدعي أحدهم أن للناس حق محاسبة الهيئة لأنها معينة من الملك
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاز يرتبط مباشرة برئاسة مجلس الوزراء ورئيسها بمرتبة وزير ، وعليه فإذا كانت الدولة هي من يرى بفرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب هذه الرؤية وهذا الأسلوب فلا يحق للمواطن أن يعارض رؤيتها ، وما يفعله بعض الممثلين في طاش ماطاش وغيره هو تعد سافر على مكانة الدولة وقراراتها ، وسخرية برؤيتها أيا كان المبرر.
وهنا يطرأ السؤال الأكبر مع هؤلاء
هل الخلاف على فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأساس وأنها انتهاك للخصوصيات الفردية ؟

أم الخلاف على طريقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وطرح مصطلحات كالعنف واللين والحكمة والشدة ؟
هل المسألة لمنتقدي الهيئة تتعلق بسعة صلاحيات رجل الهيئة وعدم تقنين النظام وتداخله مع واجبات الشرطة؟ ، أم في رفض المجتمع ككل لمن يملي عليه الصواب والخطأ والحق والباطل؟
هل تعتقد أن أبناءك وبناتك بحاجة إلى جهاز كهذا ليردعهم عن الشر أو يحاسبهم على التصرف السئ أم أن ذلك متروك للشرطة ولا داعي له ؟
هل النظام السعودي ككل قائم على التعددية ام على المذهبية؟

، وعلى المذهب الحنبلي تحديدا ؟ ام على اجتهاد هيئة علماء تصدر فتاوى متجددة ، وأين يتم نشرها ؟وهل تلام الهيئة إذا عملت وفق فتاوى هذه اللجان؟
الهيئة بصفتها جزءا من السلطةالتنفيذية في البلد هل هي متكاملة مع السلطة القضائية ، خاصة في موضوع خضوع أفرادها لأحكام السلطة القضائية ومساواتهم مع غيرهم أمامها؟
- أيضا تساؤل عن التوثيق في قضايا الهيئة والأدلة والشهود ، والضرر الواقع على المقبوض عليهم وما إلى هنالك؟ من يثبت أن هذا وقع مني فعلا؟
- هل للهيئة صلاحيات التأديب علنا أمام الناس ؟
- الهيئة والتعددية

مع أنني اقدس الحرية في جميع صورها مع احترام الآخرين ومراعاة حدودهم ومصالحهم ، إلا أنني ارى أننا في حاجة إلى قوانين تؤطر وتحدد المسافات المعقولة فيما بين الناس
الناس يختلفون في أخلاقهم وطباعهم وتقواهم وعقولهم
وشرطة الآداب يجب أن تكون عقل المجتمع ووجدانه
لذلك يجب أن تعبر عن قيمه
وهنا المسألة معقدة جدا ، لأن القيم بمثابة أنظمة غير مكتوبة وتعمل في فضاء روح القانون
وما يحصل في القصيم يختلف عما يحدث في جدة وما نراه في منطقة سياحية يختلف عما هو موجود في سكن مخصص للأجانب
نظام الهيئة مقنن وواضح ومحدد ولدي نسخة منه تدل على أنه موضوع بعناية ومنسجم مع بقية الأجهزة التنفيذية ، ولكن الباعث الديني الذي يسيطر على عقل ووجدان رجل الهيئة يجعله يباشر عمله كمكلف عن الله وليس كمؤد لدور رسمي لاعلاقة لتوجهه الديني فيه .كما أن دوره الأخلاقي يجعل الجانب التوعوي والتربوي أهم من الجانب القمعي والتأديبي
مشكلة الخلاف الفقهي من أعقد المشاكل التي تواجه موظفي الهيئة فالمعروف أن هناك مذاهب فقهية تختلف مع المذهب الحنبلي السائد والمعمول به ، وأن هناك مسائل عديدة من ضمنها صلاة الجماعة التي يضرب رجال الهيئة عليها الناس هي سنة في رأي جمهور العلماء الشافعية والمالكية والأحناف ، وتغطية الوجه ليس بواجب للمرأة في بعض المذاهب وكذا الإسبال للثوب في المذهب الحنبلي وحلق اللحية مما يجعل من الممكن أن يكون من عناصر الهيئة بعض حليقي اللحى ومسبلي الأزر وبملابس مختلفة ولايشترط الثوب والشماغ بالطبع ، والأخطر من ذلك أن الهيئة تتعامل مع السحرة كعناصر فاسدة في المجتمع وككفار قتل بعضهم بالسيف ، مع أن مستشارا في وزارة العدل كالشيخ العبيكان أفتى بأنه يجوز اللجوء للساحر لفك السحر إذا دعت الحاجة ، مما يوجب على الهيئة أن تعيد النظر فيما فعلت وما ستفعل مع السحرة
- مسألة الزي الموحد لرجال الهيئة مسألة أراها مضحكة ولاجدوى منها لأنها تخالف فكرة أن رجل الهيئة هو مندوب عن المجتمع لحماية ورعاية قيمه وعاداته ، واللبس الموحد يجعل المسالة مكشوفة وليست سوى تكرار لدور الشرطة دون أدنى فائدة .
- مسألة المخالفات العقدية التي هي بنظر المذهب السائد بدع وربما كفر كالموالد والتي تقام للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإحياء ليالي معينة من السنة والمزارات ، والصدقات الأربعينية وغيرها وليالي عاشوراء لدى الشيعة والحسينيات واللطميات وخذ ماشئت من امور أجزم أن الهيئة تضعها كلها في باب الشركيات ،
الخلاف الفقهي الإسلامي العابر للقارات فجر إشكالية ضخمة يعيشها كل مجتمع عربي وبالأخص مجتمعنا المحافظ ، فقد تعودنا على أن الدين واحد والرب واحد والحق واحد والملك واحد والصح واحد ، فكيف ظهرت لنا هذه الأطياف الملونة التي تزغلل العين وتربك العقل.
أعلم أن واقع الهيئة أفضل مما يحاول الساخرون تصويره ومن خلال معرفة شخصية لامجال فيها للتزويق او للتحسين وإلا فموقفي من السلفيين معروف عموما
أعلم أيضا أن الهيئة شئ ضروري أن يبقىوأن يطوركما هو كل شئ لأن العصر يتغيرهناك دول لا تعترف بإله ومع ذلك فيها شرطة آداب ولها أنظمة وقوانين وتحظى بتأييدالشعب
مشكلة الهيئةأنها كأي شرطة آداب حامية للقيم وتعمل في نطاق مادون الجريمة بمعنى أنها تتعامل في هامش واسع من الظن والترهيب والترغيب مما يجعل عملها قائما على الاجتهادات ولأن قيم مجتمعنا سلفية وهابية متشددة مذهبية حنبليةأصبحت صورة الهيئة كذلك وبرأيي الا لوم عليهم
لدي نسخة عن النظام الأساسي للهيئة الصادر بموافقة مجلس الوزراء
ليس هناك ما تقوم به الهيئة وهو مخالف للنظام فلا تلوموا الهيئة وإنما لوموا واضع النظام
وطالبوا بالتعديلات من مكانها ، ولا تتجهوا للبردعة لأنكم لم تقدروا على الحمار
كما هو المثل الشعبي
مشكلة الهيئة برايي ثلاث مشاكل رئيسية
الأولى أنها كجهة حكومية لا يسمح نظامها الأساسي لها بالقيام بأي نشاط إعلامي لبيان اسهاماتها في المجتمع، أنها أهم جهة بحاجة لهذا الجهد بحكم مجالها الواسع والعصي على التحديد والتقنين لأنها جهة خلقية وتخضع للعرف والعادات والتقاليد والمناطق حيث أن عنصر الهيئة الذي يعمل في القرى لا يصلح للعمل في المدن
المشكلة الثانية هي انعدام الرؤية التعددية فالبلد مذهبي كما هو معلوم سنة حنابلة سلفيون وهابيون
فلا وجود للمذاهب الأخرى مثلا مسألة صلاة الجماعةالحجاز فيه مالكية وشوافع وأحناف والوافدون مختلفو المذاهب فالهيئة في مأزق
كشف الوجه ، المذاهب العقدية، الشيعة وغيرهم ، كل هذه لا توصيف للهيئة عنها
الأمر الثالث
أن رجل الهيئة هو رجل هيئة ماهي رتبهم ، مناصبهم ، كيف تتم شكواهم وما هي حدود نفوذهم
رجل هيئة فقط، حتى الجن علمنا أن فيهم شيطان ومارد وعفريت وجني ونحن لانراهم فكيف الشأن برجل الهيئة الذي يفترض أن يقبض على الأشرار ويحمي الأخيار
الذي أرى أن من مسؤوليتنا كشعب يجب أن ندافع عن وجودها وان نسعى لإصلاحها
من يريد الحقائق الموثقةوالمعلومات الأكيدة فليزر أي مكتب هيئة ويناقش مدير المكتب أو عناصرمن الهيئة وسيجد أسلوبا راقيا حتى القبض على المخالفين والمخالفات في الجرائم الأخلاقية
يتم في ستر وهدوء
ليس كما ترون في أباطيل السدحان وطاش ما طاش واسالوا من رأى بعينه
طاش ما طاش كاذبون
ومن قلة الأدب وتعدي العلمية والموضوعية
أن أضخم واحدا بالمئة من المشكلة
واعرضها على أنها الواقع
فدعوكم من السدحان والقصبي و برنامجهم الهزيل الضعيف فنيا وفكريا

وفكروا في مجتمع يستعد لهجمة حضارية وأخلاقية وثقافية كبرى

1 Comments:

Anonymous غير معرف said...

المفروض أنه مايكون في إنكار على قضايا الخلاف

اظن بأنه يمكن أن يكون لك دور في اقناعهم لذلك

١٢:١٤ ص  

إرسال تعليق

<< Home