السبت، يونيو ١٧، ٢٠٠٦

مساواة المرأة بالرجل - حوار مع عبده خال على قناة الحرة

كنت ممن شاهد باهتمام اللقاء السريع مع الأستاذ عبده خال على شاشة قناة الحرة في برنامج مساواة
وكم كانت دهشتي من المذيعة التي تمر على الأسئلة السؤال إثر السؤال وتلقي القضية تلو القضية منتظرة إجابة سريعة و قاطعة على أسئلة حساسة إجابتها لا تمثل الضيف فقط وإنما تمثل دولا وشعوباً وفي موضوع يعتبر الأكثر حساسية بين الموضوعات التي يمكن طرحها
.
لم توفق المذيعة في إدارة الحوار ولا في التعامل مع العبارات ذات العمق التي استخدمها الضيف والتي تعبر بدقة عن الموقف وما ينبغي أن يدور الحوار فيه
ولم يعط الموضوع بتشعباته الوقت الكافي لمناقشته وتناوله ، بل كان اللقاء أشبه بمحاولة دائبة من المقدمة للخروج بوجهة نظر عارية أو موقف في مواجهة فكرة ، وهذا هو الذي دفعني للكتابة

انتشار المعاكسات والتحرشات بالنساء في المجتمعات الخليجية المحافظة ، أكثر منه في غيرها
حساسية الموضوع والجهد الكبير الذي يتطلبه لمن يتصدى للحديث فيه جعل الاخت التي تدير الحوار أشبه بمن ينكأ الجروح لا أكثر ويكيل الاتهامات وفق خلفية مسبقة .
لقد بدت أمام المشاهد البسيط كمن يتشفى في الشعوب الخليجية بالارقام والاحصائيات عن نسب الطلاق أو العلاقات خارج إطار الزواج أو زيارة المواقع الإباحية . إضافة إلى انتقائية في تناول جوانب الموضوع لا يفسرها إلا الرغبة في إرغام أحد اثنين( الرجل) أو (ثقافة المجتمع الخليجي).
لم تكن المناقشة نزيهة في استخدامها لللأرقام لدرجة أن الضيف بصورة لا إرادية شعر بأن من المهم التعقل و تناول القضية ضمن إطار دراسة الحالة ضمن سياقها الثقافي قبل التسرع بإطلاق أحكام وتجريم شعب أو ثقافة .
ولست في مقام التقويم أو التخطئة ولكني أجزم أن الأستاذ عبده خال لم يكن يحب أبدا أن يطرح الموضوع بهذا الأسلوب ،هذا إلى أنه دائما ممن يحبون النقاش الهادئ المتعقل.

الأمر الذي أريد أن ألفت النظر إلى حجمه، والذي بدا لي في لهجة المذيعة وأسلوبها وهو أمر يكاد يشمل كل متكلم عربي في عصرنا سواء أكان محافظا أم متحررا . داعية تقدم أو تخلف هو عرض النموذج في مقابل نموذج آخر . ونقد الواقع في مقابل واقع آخر بمعنى أنه ليس هناك استقلالية في التفكير- أو لنكن متدرجين قليلا-ليس هناك خصوصية في التفكير. فالكل ينطلق في نقده حسب أسلوب : الخطأ لدينا (نحن) في مواجهة (الآخر الناجح) والمصيبة أنه لا يعرضه كجزئية لدينا في مقابل جزئية لدى الآخر بل يعرضه ككل لا يتجزأ هو (نحن) في مقابل كل لا يتجزأ هو (الآخر).
أليس من الممكن وجود نموذج ثالث معدل هو الصورة الجديدة التي نريد بصرف النظر عن البيئة التي استقيت منها طالما أننا أصلحنا فيها الجزء الذي رغبنا في إصلاحه؟
والمنظومة الغربية التي تتخذها المذيعة نصا تستشهد منه له ليست ممكنة التطبيق في كل مكان بل في أي مكان بدون إجراء تعديلات . وأقرب شاهد على هذا - إذا استشهدنا بطريقة المذيعة - الدول الأوروبية فهي تعبر عن القيم التي تتشارك في الأسس والجذور ومع ذلك نجد أن قوانينها متباينة لأنها تدرك الاختلاف الذي تفرضه طبيعة البيئات والتجارب التاريخية والأوضاع البيئية.
وعليه فإننا بحاجة أولاً لمقدار غير يسير من الوعي بالذات خطئه وصوابه لنعرف ما ينقصنا أولا ثم لنعرف ما هو حجم التغيير المطلوب، ولا أعني بالتغيير الحذف والاستبدال شرطا ؛ فقد يكون التعديل على شئ ما لدينا أيسر وأفضل وأصح من جلب الصورة الناجحة لدى الآخر .
إن نقد الذات بالنظر إلى الآخر فقط ،برأيي خطأ . فالذات هي محل التغيير ولابد أن تؤخذ بالاعتبار عند جلب الوصفة أو إحلال النموذج.
أنا أعذر المرأة عندما تثور على ظلم عالمي استمر لقرون وعلى مختلف المستويات وعلى لإصرارها في الحصول على حقوقها التي كفلتها لها الشريعة ولكن عندما تثور كعاصفة هوجاء تقتلع الأخضر واليابس وتحطم كل شئ فأنا أطالبها بالتعقل.
ألوم المرأة على انطلاقها في طريق المرأة الغربية من ناحية أنها- اي المرأة الغربية- سعت إلى المساواة من خلال الأنظمة والقوانين ولكنها لم تزل تكافح في سبيل نيل المساواة في أمور أخرى. وليست بنائلتها إلا إذا نجحت في تغيير العقلية التي تسير بها القضية .
المرأة الغربية ثارت على الرجل باستخدام أدواته وأثبتت وجودها ومكانتها بفرضها نفسها بديلا عنه . وهذا برأيي خطأ فادح .
ربما لم يكن الرجل في الغرب مستعدا ليفهم المرأة لو لم تحدثه بلغته ( القوة ) وتلكمه وتصرعه. وهذا إنجاز؛ ولكن الصورة النهائية التي ستنتج ليست هي المرأة التي تريد أن تكون .
أجل لن تستريح المرأة لأنها أيضا وبصورة أخرى صارت أسيراً للرجل حيث جرها إلى أرضه وأجبرها على استخدام تقنياته.
إنها بحاجة إلى ما حققت من إنجازات ولا يعني هذا التخلي عن المكاسب المحققة ولكن الطريق أمامها ليس سهلا.
ومشكلة المرأة عالميا أنها لا تستفيد من القدرات التي فطرها الله عليها .ولا تستفيد من نقاط ضعف الرجل وأعني بنقاط ضعف الرجل أي المناطق التي لا يحسن الرجل العمل فيها وهذا برأيي أفضل ما يمكن للمرأة أن تبدأ به في معركة المساواة .
هل وعت المرأة حقيقة أنها قد تحصل على المساواة فعلا ولكن في عالم غير حقيقي وغير سعيد وغير منتج بناه الرجل بجشعه وطمعه وتنافسه اللانهائي على السلطة والقوة والنفوذ والسيطرة
.
لو فسرنا المساواة تفسيرا ماديا لقلنا اتركي الامر على ما هو عليه فأنت على المسار الصحيح ولكن لو فسرنا المساواة تفسيرا إنسانيا لوجدنا أن الامر مختلف تماما .
فالعالم – إحصائيا- يسير لمصلحة الأشرار والموازين فيه مبنية على أساس الجشع والاستغلال والأثرة
وإذا كانت المرأة هي صاحبة الرقم الأكبر في جميع إحصائيات ضحايا الاستغلال والمعاناة فإن الأحرى بها أن تحاول بناء عالم جديد تكون فيه هي الأقوى و هي الند أو المساوي لا أن تحاول المساواة في عالم يسوده الظلم وضياع الحقوق والاستغلال!!.