السبت، محرم ٠٨، ١٤٢٨

الحجاب تشريع رفيع وليس فصلا عنصريا


الحجاب عموما وتغطية وجه المرأة في الإسلام ليس الهدف منه منع فتنة الرجل بالمرأة بسبب النظر إلى وجهها أو ما يستره الحجاب منها ، وليس الهدف الرئيسي منه سد الذريعة للفتنة ومن ثم الفاحشة كما يقول الكثير من الوعاظ وبعض العلماء.
فسد ذريعة الفتنة والفاحشة أتى به الأمر في : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم يغضوا من أبصارهم
فهو أمر اختياري يقوم به المسلم والمسلمة إذا شعر أحدهما أن النظرة غير عادية أو أنها قد تفضي به إلى الفتنة
ويدل على ذلك أن النبي في الحج عندما كان بجوار الفضل بن العباس
ورآه ينظر إلى المرأة الخثعمية فأطال النظر إليها
حول النبي رأسه بيده عنها ولم يأمرها بتغطية وجهها كما لم يهاجمها الصحابة لكشفها وجهها في هذه الشعيرة الإسلامية المقدسة ، ولو كان ذلك حراما لما تصورنا ذلك ابدا
وفي نفس الحجة حجة الوداع قامت المراة في محضر من الحجيج تسأل الرسول وهي التي وصفها الراوي بأنها سفعاء الخدين وتكلمت أمام الحضور من الصحابة والرجال والنساء في أكبر مؤتمر إسلامي وفي آخر حياة النبي لئلا يقال بأنه قبل نزول الحجاب
مسلم2/537
وقد تنازع الفقهاء في النظر إلى المرأة الأجنبية . فقيل:
- يجوز النظر لغير شهوة إلى وجهها ويديها ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي ، وقول في مذهب أحمد
- وقيل لايجوز ، وهو ظاهر مذهب أحمد ...وهو قول مالك،
(انظر فتاوى ابن تيمية (22/110

وإن الرأي الأوفق والأكثر تعبيرا عن الوقائع والنصوص
أن الحجاب هو شعار المرأة المسلمة الحرة تحديدا
وبذلك أصبح مؤخرا شعار للمرأة المسلمة عموما بعد إلغاء الرق حيث لم تعد هنالك إماء
ولا ننفي أنه من العادات العربية التي كانت موجودة بصورة ما في الجاهلية وإن لم تلتزم بها كل النساء وأقرها الإسلام ثم عممها على الحرائر لأنها تتوافق مع سماته وتخدم مقاصده
فبمجرد النظر إلى أن الحجاب كان أمرا خاصا بالحرائر من النساء
وأن الإماء لم يكن مفروضا عليهن ينتفى الرأي الذي يحصر الحجاب في موضوع درء الفتنة
ولذلك لما اصطفى النبي صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي عام خيبر قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين ، وإلا فهي مما ملكت يمينه ، فحجبها
(البخاري، انظر الفتح 9/126وأخرجه مسلم (3/593) والنسائي (6/134
(1)
ولذلك قال تعالى في آية سورة الأحزاب { ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلايؤذين وكان الله غفوراً رحيماً }الآية59
بل إن عمر رضي الله عنه كان يضرب الأمة التي تحتجب ويقول لها: أي لكع تتشبهين بالحرائر
يدل على أن الحجاب لم يكن يهدف بشكل رئيسي إلى درء الفتنة بالمرأة
فالفتنة متوقعة بالأمة والحرة
فكلاهما امرأة
ويتأكد لنا ذلك إذا نظرنا إلى التراث الفقهي للعلماء والذي نجد فيه أن عورة الأمة من السرة إلى الركبة كعورة الرجل !! وهنا تظهرلنا صورة ملتهبة لطرقات الحواضر الإسلامية
يتزاحم فيها الرجال مع نساء منهن حرائر لايرى منهن شئ
وإماء تضطرب ثديهن كما ورد في رواية أنس التي يصف فيها كيف كان جواري عمر يخدمن ضيوفه في المنزل مع سلامة القلوب
رواه البيهقي ( 2 / 227 ) عن أنس قال : كن إماء عمر رضي الله عنه يخدمننا كاشفات عن شعورهن تضطرب ثديهن . وسنده جيد كما يقول الألباني ، انظر كتاب - حجاب المرأة ولباسها في الصلاة لابن تيمية - تحقيق محمد ناصر الدين الألباني - المكتب الاسلامي ص 37

قال الإمام النووي رحمه الله: المشهور من مذهبنا أن عورة الرجل ما بين سرته وركبته، وكذلك الأمة.إلى أن قال: وممن قال عورة الأمة ما بين السرة والركبة مالك وأحمد، وحكى ابن المنذر وغيره عن الحسن البصري أنها إذا تزوجت أوتسراها سيدها لزمها ستر رأسها في الصلاة. إلى أن قال: قال الشيخ أبوحامد وغيره: وأجمع العلماء على أن رأس الأمة ليس بعورة، مزوجة كانت أوغيرها، إلا رواية عن الحسن البصري أن الأمة المزوجة التي أسكنها الزوج منزله كالحرة، والله أعلم. وقال القرطبي رحمه الله: وأما الأمة فالعورة منها ما تحت ثديهـا، ولها أن تبدي رأسها ومعصميهـا، وقيـل: حكمها حكم الرجـل، وقيـل: يكـره لها كشف رأسهـا وصدرهـا، وكان عمـر رضي الله عنه يضـرب الإماء على تغطيتهن رؤوسهن، (ويقول: لا تشبهن بالحرائر
السلفيون صمتوا تماما في هذه المسألة
فليس بإمكانهم أن يقولوا أن الأمة ليست امرأة كاملة
وليس بإمكانهم أن يقولوا أن الفتنة بها دون الفتنة بالحرائر
وليس بإمكانهم أن ينكروا نصوص العلماء في تحديد عورة الأمة وفي عدم وجوب الحجاب عليها
وليس بإمكانهم أن يحذفوا نصوصا تؤكد أن عقوبة الفاحشة على الإماء إذا وقعت نصف ما على الحرائر
وليس بإمكانهم أن يقولوا وهم سلفيون أن هذه مسألة تعود إلى الحاكم ومايراه مناسبا ، أو إلى العرف أو أن يكرروا المقولة المضحكة أن هذا هو الحكم الفقهي ولكن الأمَة تُلزم بالحجاب ، فقد مر بنا رأي عمر الحاكم الخليفة الراشد العالم الفقيه المأمور باتباعه والاقتداء به نصا أنه كان ينهى الإماء عن الحجاب لئلا تشبه الحرة

السلفي الذي كان صريحا وأعمل فكره كان ابن تيمية فقد أصدر فتوى بإلزام الجواري بالحجاب.
لكن الغريب ان هذه الفتوى لم تصدر إلا بعد أن وردت قوافل السبايا المحملة بالصبايا من التركيات إثر الجهاد في بلاد العجم وراح الناس في حيص بيص مع الفتاوى القديمة
فماذا نسمي هذا ؟
هل هو ( التراجع تحت ضغط الواقع ) كما يقول تلامذته وأنصاره اليوم عن خصومهم

الحجاب هو شعار المرأة المسلمة
وليس الهدف الرئيسي منه سد الذريعة للفتنة

قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ؟
(1)
إضافة بتاريخ 20/1/1428هـ

8 Comments:

Anonymous غير معرف said...

الحجاب هو شعار المرأة المسلمة
وليس الهدف الرئيسي منه سد الذريعة للفتنة

****

طيب إذا كان الحجاب مجرد شعار للمرأة المسلمة

فماذا عن المرأة في عهد الجاهلية والتي ذكرت أنت أعلاه بأنها كانت ترتديه

اليس شعارا للمرأة الجاهلية كذلك


شاكر

٩:٤٥ ص  
Blogger المفكر said...

الإسلام أقر بعض الأمور في الجاهلية كالكرم والصدق والوفاء وإكرام الضيف وصلة الأرحام ونصرة الأخ ضمن منظومته ورؤيته الخاصة ووجود تطابق في بعض الأشياء لايدل على أن هذا التشريع جاهلي
فالعرب كانت تطوف بالكعبة
فهل هذا تقليد جاهلي ؟
لا أحد يقول بهذا ،
الذي أردت قوله هو أن الحجاب ليس مخترعا إسلاميا
ولكنه متوافق مع روح الإسلام
كذلك أنه ليس عملية عزل يقصد بها التخفيف من حدة الموضوع الجنسي كما يحاول البعض القول
لم أتبين وجهة نظرك بوضوح
ولكن أنا بانتظار رؤيتك
تحياتي

٥:٤٩ م  
Anonymous غير معرف said...

ليست لدي رؤية في الموضوع
المسألة برمتها أني فهمت من كونه
شعارا
بأنه يعد علامة فارقة

فهمت ذلك

وافهم كذلك بأنه لايمكن أن يكون علامة فارقة , ويكون لعصرين أخدهما
الجاهلية
والآخر
الإسلام

هذا تساؤلي باختصار

شاكر

٨:٤٤ ص  
Anonymous غير معرف said...

حجاب المرأه هل نقصد به عفافها ؟؟الفرق شاسع ليست كل محجبه رمز للعفاف كما ان ليست كل من لم ترتديه رمزا للرذيله !!جاء الحجاب ليدعوا الى الحشمه كونها أمر يدل أن المرأة ليست مجرد جسد لاأكثر .التركيز كثيرا على تغطية المرأة هو تركيز على الجسد لاأكثر كما أن الدعوة الى عريها يحمل نفس الرساله ذلك يحارب جسدها وذلك يتمتع به لااكثر .وبما أن العفاف ليست له مقاييس محددة فالحجاب كذلك ليس له شكل موحد كما تحب بيوت أزياء بعض العلماء الترويج له .المرأة ذاتها تتحكم بذلك عبر أدراكها لذاتها وماذا تعني رساله الحجاب الموجهه اليها وبأي شكل تنظر الى هذا الموضوع .

١٢:٢٤ م  
Blogger المفكر said...

العلامة الفارقة هي للحرة عن الأمة
وليست علامة فارقة للإسلام عن الجاهلية

والتحول القسري جعل الحجاب سمة للمرأة المسلمة لأنه لم يعد هناك إماء

بمعنى أنه لو اعاد الإسلامويون ذوو النظرة السلفية الرق إذا تولوا السلطة في بلد ما فإنه سيعود التفريق بين الحرائر المحجبات
والإماء اللواتي يمنعن من الحجاب ، بل
ولهن الحق في إبداء ما فوق السرة وما تحت الركبة

هناك شعوب وثنية لديها حجاب ، ولديها حج ، ويرسل رجالها اللحى
فيجب علينا أن ندرك الأمور بأحجامها الطبيعية ولا نبحث فقط عما يميزنا عن الآخرين

تعليق الأخت السيدة الهام
لافت وعميق جدا وأعتقد أنها تتفق مع وجهة نظرنا للموضوع

٦:٠١ م  
Anonymous غير معرف said...

ولماذا لايكون الحجاب للجمع بين الاثنين.. أقصد أنه شريعة إسلامية تحقق أهداف منها انها تحفظ المرأة من تطلع الرجال إليها بنظرات خاطئة.. الهدف الهشمة.. ألا يظهر شيء من شعر المسلمة ولا يتحدد جسدها ولا تضع من المساحيق مايلفت بل تكون صاحبة رقي ووقار بما يتناسب مع الدين الذي تنتمي إليه بغض النظر عن عادات مجتمع يفضل عباءة الرأس المخصرة على عباءة الكتف الفضفاضة

ذكرتني بعبارة على ملصق دعوي أطالعها يوميًا أثناء صعودي لمكتبي في العمل تقول العبارة: "العباءة تاج.. فهل رأيتي تاجًا يوضع على الكتف؟؟" في كل مرة أقرأها أبتسم.. تعجبني بلاغتها وأشفق على من يضيّق ماوسعه الله..

تحية طيبة لك :)

١٢:٣٤ م  
Anonymous غير معرف said...

أشكرك على التوضيح , وإن كنت قد غضبت منك لحذفك أحد ردودي

المهم أن الصورة الآن واضحة
الحجاب إذا شعار وهو غير ضروري الآن حسب ما أرى لكون الرق قد انتهى

يمكن لنا أن نعيد الحجاب في حالة تسلم الاسلامويين للسلطة في الدول العربية

أهنئك على هذا العمق

شئ رائع فعلا , وتفسير للحجاب يستق رفع القبعات


دمت لمحبيك

٩:١٤ ص  
Blogger المفكر said...

سحابة

هذا أمر مسلم به ومن صور تكامل الشريعة وانسجامها ، حيث تجدين أن الصورة النهائية للحكم الشرعي تتظافر لتكوينها مجموعة أدلة مع الاحتفاظ لكل جزئية بحكمها ، فمن الحجاب قدر هو واجب ، ومنه ماهو سنة‘ وحماية المرأة والدفاع عنها واحترامها أمر تتظافر نصوص الشرعية في التأكيد عليه،

نقطة النظام في المسألة ، وغرضي من طرح الموضوع أصلا ، قضية أهم من ذلك بكثير ، وهي تحميل الحديث والآية مالاتحتمل ، ومحاولة تقويل الشريعة مالم تقل في هذا الباب، وهي مسألة خطيرة لأنها من جنس التشريع ، كما أنها تعد سافر على العقل واستهانة به من ناحية أنك بتأييدك لهذا المسلك تفرضين عليه أن يفهم من النصوص مالاتدل عليه.
ليست المسألة في الدفاع عن عادات مترسخة بقدر ماهي حماية للدين من عبث العابثين، فقد رأينا أن كل محاولة لتنزيه الدين أو حمايته بالافتراء عليه أو التعديل فيه انتهت بضلال عظيم.
نعم ولاشك في كل حكم شرعي هناك أكثر من حكمة ، وقد يستحسن العقل البشري شيئا فله ذلك ولكن لا تلبسه لباس الدين.
شكرا على غيرتك ودعمك ، ودمت بخير


المجهول

مرحبا بك مجددا
لاأذكر أنني حذفت ردا لك
أو لأحد من المعلقين فأنا أعتبرهم ضيوفا أعزاء
إن كان هذا حصل فأذكر أنني حذفت ردا محددالمعلق محدد وقد راسلته قبل ذلك مبينا وجهة نظري لعدم ارتباطه نهائيا بموضوع النقاش وليس لتخوفي مما جاء فيه ، والدليل أنني مستعد لإعطائه تدوينة جديدة مستقلة هنا في مدونتي
قد أكون أخطأت بعدم احتفاظي بنصه
ولكن لو أرسلت لي تعليقك على الإيميل فثق بأني سأناقشه علنا في المدونة

بالنسبة لإيضاحي الصورة
فمن الواضح أنه لم تتضح لك الصورة

بل إن عرضك لفهك أتضح أنه مقلوب بالمرة
وصحح لك ذلك سأذكر عبارتك مع التغيير المفترض
وعليك استخراج الفروق السبعة

الحجاب إذا شعار كما أنه حكم شرعي ثابت وضروري الآن ودائما حسب ما أرى
ولكون الرق قد انتهى
فإن جميع المسلمات مطالبات بالحجاب

ولا يمكن لنا أن نعيدالتفريق بين الحجاب بين الإماء والحرائر في حالة تسلم الاسلامويين للسلطة في الدول العربية

تحياتي لك
وشكرا على زيارتك
وابق على تواصلك معنا

٦:٢٢ م  

إرسال تعليق

<< Home