الجمعة، جمادى الآخرة ١٨، ١٤٢٧

صناعة العلماء - نقد الفكر السلفي 2


الدنيا ملعونة

في أعماق الفكر السلفي المعاصر نظرة تنتقد التغيير لمجرد تحسين الدنيا أو التعامل معها بكفاءة .هذه النظرة جعلت من الحكم الإسلامي السلفي غير منتج وغير إيجابي في التعامل مع الحياة مع ان الحكم والسياسة هي إدارة للدنيا بالأساس وحين يكون إسلاميا فهو يضع الشريعة الإسلامية ضمن منظومته، وبذلك يضيف الحياة الآخرة في حساب الدنيا لهذا السبب.
ولأن التمايز كبير بين حياة السلف وحياتنا فإن دعاة المذهب السلفي مضطرين دوما للفحص والتدقيق في كل ما استجد من الأمور بعد القرون المفضلة، وهم مضطرون للمقارنة بين الجهود الأولى في الإسلام وبين العصر الحاضر الذي يعتبر انتقالا كليا في كل جوانب الحياة المادية والمعنوية، لذلك فإن العملية تعتبر مجهدة جداً وتحتاج إلى عقلية تتسم بالموضوعية والشمول في النظر إضافة إلى تفسير الوقائع والأحداث لتتمكن من استخلاص أصول وقواعد، فالعالم اليوم ظهرت فيه مجالات لم تكن موجودة، وتسارع العلم أصبح يفرض علينا ألا نرتبط بالأشياء لأنه في الغد القريب سوف تاتي أشياء غيرها، وهذا ما يجد أصحاب الفكر السلفي صعوبة في تقبله والتعامل معه فالنظرة للماضي لديهم هي أساس الوصول للصواب وهم مطالبون بالحكم على الأشياء وفق نظرة الماضي مما يتطلب تحليلا في جهتين في الواقع وفي الماضي، وهي عملية مجهدة وعرضة لتعدد الآراء الأمر الذي يرفضه الفكر السلفي ويعتبره شراً يجب التخلص منه.

الخلاف شر

للفكر السلفي رؤية خاصة لموضوع الوحدة الوطنية أو وحدة الأمة إذ الوطن لديهم معنى حادث ومشبوه.
فالفكر السلفي يؤكد على الوحدة التي ترتكز على التطابق في الأفكار والعقائد بل والتصورات الشخصية ، لذلك فهناك تقسيمات محددة بناء على أمور شرعية تضع الناس في ترتيب دقيق ما يسمى بطبقات المكلفين يتم على أساسها فرز الناس ومحاولة انتظامهم في ترتيب محدد نهايته وأعلاه الوصول لمرتبة العلماء العاملين، ولا يؤبه لأي ترتيب آخر مغاير يستند إلى معايير أخرى .
فالوحدة – بنظرهم - هي تطابق فكري وعقدي وسلوكي لا يسمح بالاختلاف ولا يتقبل التجديد أو إعادة النظر إلا من قمة الهرم، وعن طريق العلماء العاملين فقط، وصلاحيات العلماء العاملين لدى أصحاب الفكر السلفي غير محدودة ، فهم يتشاركون مع الأمراء في سلطات الحكم ، حيث يعرف السلفيون ولاة الأمر الذين يجب على المسلمين طاعتهم ، بأنهم العلماء والأمراء. وهم بذلك يتفقون مع التيار الشيعي الذي يرى بولاية الفقيه، إذ هو وال في الحقيقة.

صناعة العلماء

مع أن المذهب السلفي لا يحدد لنا مساقات محددة يتكون بموجبها العالم، ويحدد به من هو العالم ، فالجانب السلوكي معتد به في تحديد العالم، كما ان شهادة الأكابر مهمة وليس من وسيلة لمعرفة العالم في ظل الاختلاف المذهبي إلا من خلال النقاشات العلمية والمناظرات التي يقرر المشاركون فيها مستوى خصومهم، وبذلك تصبح الناحية الإعلامية والتي تظهر في سعة انتشار آراء الشخص وأنه متبوع وله أنصار هي المحدد الرئيس للعالم، ولا يخفى أن هذا الأسلوب وإن كان مقبولا لدى العلماء في القرون الأولى فهو غير مقبول بل خطر في العصور اللاحقة والعصر الحديث بالذات فقد أصبحت الآلة الإعلامية متطورة ومتقدمة وقادرة على تقديم خدماتها لمن يدفع ، مما يجعل با لامكان صناعة عالم متبوع يتسم بكل الصفات ويؤثر في الواقع بدون أن تكون لديه أي مواصفات للعالم!!
وهنا يجب لأتباع هذا المذهب أن يتخذوا طريقة جديدة ليست مستنبطة من النصوص الشرعية بالطبع( إذ لا وجود لها نصا )،ولا من جهود القرون المفضلة (لأن تراثها هو الذي خلق المشكلة و لاجديد فيها على هذا المضمار) وذلك لتجاوز مشكلة كيفية تحديد العالم، فنحن إذا مضطرون لاتخاذ اساليب جديدة في قضية شرعية هي حسب نظرنا من أهم المهمات.
فلابد من وضع مواصفات دقيقة للعالم العامل يستوعبها المقلد ويبني عليها قناعته بفتاوى هذا العالم،

2 Comments:

Blogger القَاضِي شُعَيْب said...

((في أعماق الفكر السلفي المعاصر نظرة تنتقد التغيير لمجرد تحسين الدنيا أو التعامل معها بكفاءة .هذه النظرة جعلت من الحكم الإسلامي السلفي غير منتج وغير إيجابي في التعامل مع الحياة مع ان الحكم والسياسة هي إدارة للدنيا بالأساس وحين يكون إسلاميا فهو يضع الشريعة الإسلامية ضمن منظومته، وبذلك يضيف الحياة الآخرة في حساب الدنيا لهذا السبب))

لا أعرف بالتحديد ما مقصود قولك : (تحسين الدنيا أو التعامل معها بكفاءة) لكن ما أعرفه هو أن الفكر السلفي ينطلق من أسس إسلامية توازن بين الدنيا والآخرة ؛ فهو يأخذ بالأسباب الدنيوية والأخروية معاً ، فيسعى إلى تحسين مستوى معيشة الفرد عن طريق الطرق المشروعة لذلك ، كالتجارة والعمل الشريف وليس عن طريق المعاملات المحرمة (كالربا وبيع الغرر .. الخ)..

٤:٠٩ م  
Blogger القَاضِي شُعَيْب said...

((ولأن التمايز كبير بين حياة السلف وحياتنا فإن دعاة المذهب السلفي مضطرين دوما للفحص والتدقيق في كل ما استجد من الأمور بعد القرون المفضلة، وهم مضطرون للمقارنة بين الجهود الأولى في الإسلام وبين العصر الحاضر الذي يعتبر انتقالا كليا في كل جوانب الحياة المادية والمعنوية، لذلك فإن العملية تعتبر مجهدة جداً وتحتاج إلى عقلية تتسم بالموضوعية والشمول في النظر إضافة إلى تفسير الوقائع والأحداث لتتمكن من استخلاص أصول وقواعد، فالعالم اليوم ظهرت فيه مجالات لم تكن موجودة، وتسارع العلم أصبح يفرض علينا ألا نرتبط بالأشياء لأنه في الغد القريب سوف تاتي أشياء غيرها، وهذا ما يجد أصحاب الفكر السلفي صعوبة في تقبله والتعامل معه فالنظرة للماضي لديهم هي أساس الوصول للصواب وهم مطالبون بالحكم على الأشياء وفق نظرة الماضي مما يتطلب تحليلا في جهتين في الواقع وفي الماضي، وهي عملية مجهدة وعرضة لتعدد الآراء الأمر الذي يرفضه الفكر السلفي ويعتبره شراً يجب التخلص منه))

يا أخ مفكر !! في الحقيقة أنت محتاج لقراءة أشمل للفكر السلفي ..
أولا : الفكر السلفي له قواعد كثيرة محددة ، وليس محتاجا لوضع قواعد جديدة ، ومن هذه القواعد :
1- عدم تقديس العقل الإنساني بوصفه غير معصوم أمام المنهج الرباني المعصوم.
2- (كل جديد في الدين لم يشرعه القرآن والسنة فهو بدعة ضلالة ؛ مثل : الاحتفال بالمولد النبوي)
أما الأمور التي تستجد وليس لها علاقة بالإسلام كالأخذ بأسباب التقدم العلمي والتكنولوجي فغير داخل في مضمون البدعة ..

-- تعدد الآراء لا يرفضه الفكر السلفي ، ولكن يرفض التشتت العقدي أما الخلاف حول النوازل الفقهية المستجدة فهو من الاجتهاد الفقهي المحمود الذي للمصيب فيه أجران وللمخطئ أجر واحد.

ربما يسمح الوقت لمناقشة أطول حول هذه الأفكار قريبا ..

٤:٢٤ م  

إرسال تعليق

<< Home