الاثنين، يوليو ١٠، ٢٠٠٦

النمذجة – لماذا تموت أفكارنا في مهدها–أفكار حرة



لماذا تقف أفكارنا عند حدود التوصيات الواعدة والأماني العريضة ثم يجهل الناس كيفية تطبيقها ؟
ولماذا تتجمد أفكارنا الرائعة التي نرى الجديد والجديد منها كل يوم على صفحات المجلات وفي الصحف وبين طيات الكتب كتماثيل لاصلة لها بالحياة؟
وما الذي يمنع فكرة أعجب بها الناس، وأثنى عليها المختصون، ومدحها المجربون ،وأشاد بها السياسيون، وتناقلها المتحدثون ، من أن تكون واقعاً؟
كثيراً ما سمعنا:
لوتمت ...لكان، ولو طبقت ....لأصبح، ولو تحققت ...لنتج، وهكذا
والكل ينفض المسؤولية عن يديه. ويتلفت بحثا عن صلاح الدين
مسكين صلاح الدين هذا
جيَّرنا له كل عيوبنا ونقائصنا ، وعلقنا عليه كل امالنا ، ووضعنا في جدول أعماله – عند ظهوره يوماَ ما- من الأعمال ما لا يستطيعه إلا إله، مع أننا نعرف أنه مات وأنه ليس هناك إلا نحن ومشاكلنا والواقع.
ولكننا مازلنا مع ذلك نفكر
وهذا جيد
إلا أنك لا تجد على أرض الواقع من التطبيق ما يتناسب مع حجم العاصفة الإعلامية التي أثيرت حول الأفكار ،
أو أنك لا تجد من النتائج ما يرقى إلى مستوى الآمال العريضة التي علقت عليها، فتوسم بعض الأفكار بالفشل وعدم الصلاحية ، وما السبب سوى أن التنفيذ الهزيل أسقطها وهدم ما بني عليها من أحلام.
حتى المتحمسين لهذه الأفكار والذي اقتنعوا بجدواها وفعاليتها كثيراً ما تجدهم يقفون عاجزين أمام الفعل أو الخطوة الأولى لإيجادها وتنفيذها.
ليس ما نعاني منه هو العجز في الأفكار وليس ما ينقصنا هو من لديهم الاستعداد لتطبيقها وتنفيذها ولكن ما ينقصنا فعلاً هم من يستطيعون تحويل هذه الأفكار إلى خطط عمل.
من يضعون هذه الخطط في صورة حية قابلة للبدء المباشر ، وقد يقول قائل إننا بحاجة إلى من يديرون عملية التطبيق كحاجتنا لهؤلاء سواء بسواء ،فنقول نعم، ولكن النقص الحقيقي الذي نعاني منه اليوم هو في هذا الصنف من الناس الذي يضع لنا نماذج العمل
إن الأفكار الجيدة والممتازة والرائعة ، تكون حبرا على ورق وتماثيل ميتة لا حركة فيها ملم تتحول إلى سلسلة من الإجراءات والخطوات البسيطة التي يستطيع كل صاحب دور فيها أن يقوم بها بمجرد أن يأتي دوره ويطلب منه البدء ، ما اصطلح على تسميته بتدفق اجراءات العمل أو سلسلة اجراءات العمل أو البروسيجير

الحل في التفكير أيضا

في التخطيط هناك من يسمى بالمنمذج أو الموديلر مهمته بالأساس دراسة الفكرة قائمة كانت أم مستحدثة وتفصيل خطوات العمل فيها بحيث ينتج المخطط التفصيلي لدورة حياة العملية بدءا من أول خطوة في العمل وانتهاء بتحقق الهدف الذي يهدف إليه ومن ثم التجهيز والاعداد لدورة جديدة .
ولا يخفى أن الإمكانات المتاحة المادية والبشرية منها موضوعة في الحسبان ومدمجة في التخطيط للإنشاء أو للتطوير فيما إذا كان الهدف نقد مشروع قائم.

وتتعدى الفائدة من هذا الأسلوب في العمل كل تصور فعلاوة على أنه يحقق اقتصادا في الجهد والمال ويثمر نتائج دقيقة ومرضية، ويكشف أين ومن تسبب في الخطأ، فإن هذا الأسلوب مفيد في سهولة وسرعة نقل التجارب لأماكن أخرى وبيئات أخرى وسهولة التعرف على المواضع التي نحتاج للتغيير فيها أو الاستبدال.

كما أن هذا الأسلوب يعتبر تمرينا تلقائيا على التفكير المنطقي الواعي والسليم.
وهناك اقسام مختصة في الجامعات تهتم بتخريج أمثال هؤلاء من المختصين خاصة في أقسام الإدارة والتخطيط، كما ان مبرمج الحاسوب يقوم بصورة خاصة من صور النمذجة عندما يعمل على مشروع برمجي .
فهو ينطلق من الصفر لبناء نظام يحقق له هدفا معينا مقيسا وينتج مخرجات محددة متوقعة ومضبوطة.
ولا غنى لأي مشروع رائد عن جهد من هذا النوع ، على الأقل في بدايته لطبيعة المجال الجديد، الذي لا يسمح بنقل خبرات قديمة قد لا تصلح بالضرورة لهذه البيئة الجديدة
ولن أحتاج إلى أن أكرر ان سياسة الاستهلاك الشامل هي من أهم عوائق الحصول على الاستثمار الأمثل لقدراتنا وإمكانياتنا في هذا الباب.
فالذي يستهلك نتاج الغير لن ينتج جديدا.
بيداغوجيا الأهداف علم مفيد في هذا السياق حيث أنه علم يدرس الأهداف وكيفية تحليلها ومعرفة المسار و الطرق المؤدية لتحقيقها. وهذا جانب مهم في تنمية هذا المسلك لدينا،
كما أننا نحتاج إلى دعم وإشاعة أسلوب التحليل في النظر للأمور ، والنظرة المعمقة في تناول تفاصيل الخطط والمشروعات وهذا مرتكز أساسي للوصول لنتائج متقدمة في هذا الباب
كذلك فإننا نحتاج إلى أساس منطقي في تناول الأمور يبعد عن العواطف عند تناول خطوات البدء في تطبيق فكرة ما .
وعدم وجود هذا المنمذج المخطط أدى إلى تبعية للنماذج الناجحة في مجالات كثيرة.

ويضاف إلى عدم وجود الخطط التفصيلية الإجرائية للأفكار انعدام دعم الأثرياء للمشروعات والأفكار الوطنية أو أجهاضها بالشروط الاستثمارية الجشعة، إضافة إلى عدم صوغ الفكرة التي نريد تطبيقها ضمن إطار من المنافع يكون متكاملا ويأخذ صفة النظام ، خاصة في المشاريع والأفكار التي نريد لها صفة الاستمرارية والدوام، بحيث نتاكد من أن كل مساهم أو عامل في المشروع يحصل على فائدة مربحة وذات قيمة تنافس مجالات عمله الأخرى ، وأن يكون هناك مجال لأن يزيد من أرباحه ومنافعه من خلال هذا النظام أو المشروع وبطريقة تعود على الفكرة بالفائدة والتطوير والنجاح.
فالاعتماد على الرعاية الحكومية أو الدعم الاغاثي أو العمل الخيري والتطوعي دون استقلال الفكرة أو المشروع بجميع مقومات نجاحه ونموه والتي ترتكز على مبدأ الحاجات وإشباعها ضمن إطار بيئة عمل المشروع، سيؤدي بلاشك إلى هزات أو انهيارات للمشروع في المستقبل القريب أو البعيد،
إذن فنحن في حاجة أولا إلى أفكار جيدة تم نقدها وتمحيصها،ثم إلى نظام متكامل من المنافع يشكل البنى الأساسية للعمل في هذا المجال ويصف حركة بيئة المشروع وطريقة تفاعلها مع نموه بعد البدء فيه لضمان استمراريته ،ثم نحتاج إلى خطط عمل متكاملة مفصلة في سلاسل اجراءات تطبيق الفكرة خطوة خطوة وفق تسلسل وبناء منطقي، ثم إلى دعم مالي من الأثرياء ومن يستطيعون توفير البداية القوية التي يحتاجها المشروع .
وليس الأمر في موضوع نمذجة اجراءات العمل خاصا بالمشاريع الكبرى او الأفكار الأممية، جرب أن تنتهج هذا النهج مع نفسك وفي شؤونك اليومية وفي الأعمال التي تحتوي على تفاصيل كثيرة ، أو يمكن أداؤها بأكثر من طريقة ، أو تتداخل فيما بينها، ستلاحظ أن وقتا كبيرا كان مهدرا أصبح مستثمرا ومستغلاً ، وستلاحظ أنك صرت تتقدم بسرعة نحو ما تريد بدقة ووضوح وسرعة.

كتبه: المفكر

2 Comments:

Blogger Thamood said...

مثلما تحدثت نحتاج إلى أسلوب في التكفير المنظم فأغلب المشاريع التي تطبق تكون وليدة اللحظة ويتم التنفيذ بأسرع وقت دون دراسة شاملة للمشروع او على الاقل دراسة فائدة واكبر دليل على ذلك هو المحلات التي تفتح وتقفل كل يوم في منطقتنا العربية والتي يكون النجاح حليف القليل منها اما الاغلبية فهي تقفل بعد مرور سنة او سنتين لسوء التخطيط والنظرة المستقبلية.

وهل تريد مثالا على تنفيذ المشروع دون تفكير...انا

نعم وللحقيقة لقد قمت بتنفيذ مشروع التخرج دون تخطيط وجمع للمصادر فقط قلت لهم ان مشروع هو "كذا" ومن ثم بدأت في العمل دون تخطيط مسبق وكم من نرة كنت اصل إلى طريق مسدود ولكن ربنا سهل من عنده لكنني ادركت ان الامور بحاجة إلى تخطيط قبل الفعل ولا يجب ان نترك العاطفة تتحكم في افعالنا التي قد نندم عليها او على الاقل "تودينا في دهية" على قولة المصريين

ونقطة اخرى

بالنسبة لكلمة "نقد" فهي عند العرب عييييييييييييييييب لان نقد معناه انك تختلف معي وبما انك تختلف معي فأنت تتمنى فشلي وهذا للاسف شيء منتشر في المجتمع بشكل رهيب ولذلك تجد ان اغلب الناس يكون نقاشهم عقيما مملا ولا يرى الا فكرته

وفي النهاية شكرا لك على مقالاتك الرائعة وعلى جهدك المبذول واشكرك على ذكر مدونتي في مقالك

١١:٥٥ ص  
Blogger المفكر said...

تحياتي ولك المثل

٤:٥٩ ص  

إرسال تعليق

<< Home