الجمعة، يوليو ١٤، ٢٠٠٦

إكراه في الدين - نقد الفكر السلفي 4


النظم والتيارات الإسلامية تعبير عن الإسلام

إن من الضروري أن يتم تقبل النظم الإسلامية كجهود إسلامية تعبر عن الإسلام لا كمحاولات هدم له . وهذا برأيي أسلوب مهم لتوسيع انتشار الإسلام.حيث أن اتجاها واحداً لن يستطيع أن يلم بجميع جوانب التطبيق الأمثل للإسلام.
ولعل الاتجاه السلفي يختلف تماما مع هذه النظرة إذ أن رموزه دأبوا من فترة على محاولة إلحاق مخالفيهم بالفرق المختلفة التي حجز لها موقع مسبقاً في الاثنتين وسبعين فرقة و التي مآلها إلى النار.

فما الذي يجزم ويؤكد لك أن أسلوبك في النظر إلى هذه القضية أصح من اسلوبي؟

الإجابة دائما : الأقرب إلى مقاصد الشرع، الأقوى في الاستدلال، الأصح في النقل، الأثبت الأكمل.. الأفضل... الخ كلها أوصاف تفضيل فمن الذي فضل؟!.

ولو أن الخلفاء جعلوا الأمور على ماهي عليه ولم يسمحوا بإشاعة الأفكار والمذاهب دون مناظرة وجدل وإقناع وحوار لكان الأمر هان ولكن السجن والقتل والطرد كانت وسائل مشروعة ضد المخالفين في الفكر .

إكراه في الدين

هناك مسألة مهمة في تناول أي نزاع بين الناس ألا وهي مراعاة الظروف الخاصة بالنزاع
الحوار والنقاش والجدال نظام له معاييره وأحكامه ، القتال والمعارك والصراعات العسكرية نظام آخر له معاييره وأحكامه، فلماذا دأب الحكام والخلفاء على الالتفاف على الهزائم الفكرية التي تقع في باب النقاش والجدال بالقمع والمصادرة والقتل.؟
ثم لماذا يحصل تمسك شديد بالتسليم في مقابل النظر والفلسفة والاستنباط الحر؟؟
تكمن المشكلة عندما يصبح التسليم مدعوما بالسلطة ينتهي المنطق والعقل والاقناع ويحصل الإكراه في الدين,
وكم هم العلماء والكيميائيون والمفكرون الأحرار والفلاسفة الذين قتلوا بتهم كالسحر والزندقة والإلحاد. ليس العيب أن نقول أن تاريخنا حصل فيه استبداد العيب أن نظل نباركه ونزكيه ونخبئ عواره ونبرر ما حصل فيه.
وإني اتساءل لماذا لايحصل الاعتراف الآن بما حدث لهم على انه خطأ ، ويتم تجريم من فعل ذلك ، أو يكشف مساره الفكري الذي ولا شك يمتد إلى عصرنا هذا بصورة أو باخرى ويظهر بطريقة أو بأخرى .

لكل عصر رجال

إن محاولة النظر إلى الإسلام كنظام متجدد شامل صالح لكل عصر مصلح لكل زمان إطار لكل فضيلة وراع لكل نهضة وتقدم ورخاء ، محاولة النظر إليه من خلف عدسة عصر معين صنعت في ذلك العصر بخاماته التي ربما أصبحت رديئة سيجعل الرؤية غير ممكنة وستكون أي عدسة تنظر إلى الوجود برؤية أفضل وأصح من تلك العدسة التي تأبى التحسين، بل حتى النظر لأجل التعاليم الإسلامية ذاتها سيكون أفضل وأنسب

خير القرون قرني

من أهم النصوص التي يحاول دعاة المذهب السلفي من خلالها التسويق لاتجاههم قوله صلى الله عليه وسلم " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " ثم يأتي قوم .... الى آخر الحديث"
والسؤال هو : هل خير القرون على صعيد الإيمان أم السلوك أم الفهم أم المدنية أم الحضارة؟.
إن أفضل ما يمكن أن يقال عن الخيرية أنها خيرية تستمد قوامها من تحقيق التطبيق الأمثل للإسلام في ذلك العصر ، وان القرون التالية سوف تشهد تقصيراً في ذلك ، ولا يعني ذلك أبداً أن التطبيق لحذافير وشكليات ماتم في القرون المفضلة سيكون الوسيلة الوحيدة للخيرية ولا يعني أيضا أنه سيكون صحيحاً وفق العصر الذي ستجري فيه المحاولة ، فمن المشكلات ما يحكم بالتصرف تجاهها وفق المصلحة لا وفق المجاهدة والورع والتزهد
.