الثلاثاء، جمادى الآخرة ٢٩، ١٤٢٧

جدل حر حول الخطوة القادمة للخروج مما نحن فيه

جرى نقاش مطول بيني وبين أحد الأصدقاء المفكرين حول الحل لمشاكلنا أو أول خطوة في النهضة ، لم نتناقش حول اهم ما ينبغي علينا امتلاكه أو التحلي به ، وإنما تناقشنا حول أول ما ينبغي البدء به للخروج من الواقع المشين والمحزن والبائس الذي نحن فيه.

كانت وجهة نظري هي الإدارة ، وكانت وجهة نظره هي الوعي ،
فمن خلال وجهة نظري ، أنه لايمكن أن نقوم بتوعية الجمهور بالكامل بالحل لمشكلاته ولن نستطيع ولو استطعنا فسيكون التقدم بالجميع بطيئا للغاية ولكن الحل هو القيام بمشروعات جماهيرية يشارك الجميع فيها هدفهم منها هو تحقيق اهدافهم المعتادة الحالية ومتطلباتهم اليومية ، بينما تهدف هذه المشاريع لحل مشكلاتهم الكبرى بالدرجة الأولى سواء عن طريق العمل اليومي و المشروعات ذاتها، أو عن طريق الأنشطة المصاحبة والتي تقدم في إطار الخدمات الاجتماعية التي تقوم بها المشروعات الكبرى ، وبرأيي فإننا سنقوم بالوعي والتنشئة والتثقيف في هذا الإطار وسنحصل بعد ذلك عليه بسرعة وبدون عوائق تقاومه حيث الإطار آمن ويحفظ بيئة مثالية لنمو الوعي، وهذا الأسلوب يحتاج إلى مجموعة بسيطة من الناس الواعين بأهداف المشروع والمخلصين لأمتهم تسند إليهم إدارة مثل هذه المشروعات ، وميزته أنه في كل لحظة من المسيرة فهناك رابحون وكل قادر على أن يربح بقدر جهده ربحا تنمويا واقتصاديا.

وكانت وجهة نظره هي أنه في حالة اهتمامنا بالوعي سيسهل تجاوز العديد من المشاكل ذاتيا، صحيح أن المسالة مجهدة وتحتاج لوقت ولكنها أكيدة المفعول، وبالوعي سيجتهد الناس بطريقة حضارية وسامية لحل مشكلاتهم.

التطبيق العملي لوجهة نظري هو امريكا، والتطبيق العملي لوجهة نظره هي اليابان،

ولن أحتاج لأن أشرح للناس مدى تفوق أمريكا على اليابان في الصناعة والتأثير على العالم وفي كل المجالات ، ولن يحتاج لأن يشرح هو أيضا مدى تفوق اليابان على أمريكا في رخاء المواطن ، وعموم الثقافة لكل الناس والرقي على مستوى الأفراد ، فاليابان أرقى من ناحية شمول التنمية والحضارة والرخاء ، وأمريكا وإن كنت تجد فيها قمما في كل هذه المجالات ولكنها لا تزال تعاني من مشاكل بطالة وظلم وتخلف في بعض الجوانب الإنسانية في بعض الأماكن وفي بعض القضايا بالذات.

ولكنني أرد بأن مشكلة أمريكا تكمن في أن القيادة التي تمتلك القرار فيها ليست مخلصة للدولة وللشعب، ولو كانت مخلصة ومتفانية لقدمت نتاجا أكبر وأهم وأكثر رخاء من اليابان ، فالإدارة الأمريكية لم تزل تحت سيطرة أساطين المال وتجار السلاح والنفط ومنسوبي الشركات الكبرى.
وكذلك اليابان وإن كانت هي التي ابتكرت اسلوب الجودة الشاملة في الإدارة والذي يعتبر أسلوبا تكامليا وعميقا وراقيا وإنسانيا في الإدارة واستوردته أمريكا نفسها ، لكنها احتاجت إلى إدارة امريكية لبعض كبرى شركاتها مثل سوني كما حدث مؤخرا. وكما يعلق البعض أنه قد ينجح هذا المدير مع الشركة اليابانية المترهلة لأنه ليس يابانيا!!.

أعرف أن القراء – معظمهم - سيتعاطف مع اليابان وأسلوب اليابان، لأسباب عاطفية تتعلق بظلم أمريكا لنا وظرفية بسبب الغرور الأمريكي الذي يصبغ طروحات الأمريكيين ، وربما لأسباب تتعلق بطبيعة الاحتكاك بيننا وبين كل من الثقافتين ، لكنني مازلت أعتقد أن أسلوب الإدارة الأمريكية مع الأمانة والإخلاص للشعب والأمة سيكون انجح وأكمل من أسلوب الوعي الياباني ،

وعموما فإنه برأيي أسرع، وأنجع، والأسلوب الآخر هو بطئ وأكيد المفعول ، ولكن العصر لا يسمح بالانتظار ولابد من تغيير ، فمع من أنتم ؟

6 Comments:

Anonymous غير معرف said...

اتفق معك في أن الإدارة أهم بكثير من الوعي, واضرب لك مثالا واضحا على ذلك. في السابق وأيام الكاو بوي كان الوضع في امريكا مزري, فمن الامر العادي جدا ان تدخل مجموعة من الكاوبوي الى بنك وتقتل من فيه وتسرق ما به وبكل سهولة. بعد ذلك تشددت الحكومة في وضع القوانين وعقاب متجاوزيها. فاصبح المجرمين يضربون ويسجنون حتى بدأت تتلاشى الجرائم. بعد ذلك تم الدخول في تفاصيل القوانين وعقوبة كل مرتكب. وتم التفيذ حتى أعتدل المجتمع بالعصى.

الاجيال التالية رأت آباءهم منتظمين فتشأوا على النظام بدون عقاب.
لذا اقول ان الجيل الهمجي تعدل بالادارة والاجيال التالية زاد انتظامها بالتوعية

ومع هذا كل اقول ان هنالك امرا اهم بكثير من الادارة والتوعية وهو التمسك بشرع الله
فلو نظرت الى تاريخنا لوجدت انه متى ما كانت الامة قريبة من الله متى ما سيطرت على العالم, وكلما بعدت عن الله زاد ذلها. وهذا عكس ما يحدث تماما مع المسيحيين فمتى ما التزموا بدينهم تراجعوا ومتى ما ابتعدوا عنه تقدموا

دمت بخير

٨:٢٤ م  
Blogger ياسمين حميد said...

أنا أرى أن المزج بين الادارة والتوعية هو الحل الأفضل
ويبدأ الأمر تدريجياً، فنبدأ بادارة قوية مع التوعية، وكلما زادت نسبة الوعي بين الناس، يجب التقليل من سيطرة الادارة عليهم، حتى يكون في النهاية الوعي غالباً و تصبح الادارة مجرد اطار للحماية من الخارجين عن القانون

١٠:٢١ م  
Blogger المفكر said...

سنمار

هل تقصد من التمسك بشرع الله أن شرع الله يهدي للتي هي أقوم بذاته وبطريقة سحرية أم أنه يعدل نظر الإنسان للأمور إلى أن يصبح للإنسان نظرة موضوعية وعاقلة ومن ثم تحدث النهضة، إذن فهو الوعي ،

ياسمين حميد
هذا ما سنخلص إليه في النهاية ، ولكن كم نسبة تركيزنا على الإدارة في البداية بالنسبة للوعي هل هي مائةبالمائة أم أقل، برأيي أننا نحتاج إلى نجاح ولو صغير فالأعمال الناجحة تدفع الناس لمحاكاتها واتباعها
وشكرا على تعليقكم

١٠:٢٨ ص  
Blogger layal said...

اعتقد ان النموذج الياباني اقرب
فاليابان رغم تقدمها ظلت محافظه علي عاداتها وتقاليدها وحتي ديانتها
وكثيرا ما يقال ان اتباعنا للنموذج الغربي سيؤدي للانحلال الاخلاقي نتيجه الاتباع الاعمى
كما ان النموذج الياباني اكثر انضباط ونظاميه وهذا ما نحتاجه بمجتمعتنا

١٢:٢٧ م  
Blogger المفكر said...

العادات والتقاليد تتعرض هي ذاتها للتغيير مع الزمن ، وبحكم أن الدين الإسلامي هو مصدر العادات والتقاليد فهل سيظل النموذج الياباني الأفضل ، هناك انحلال واضح لدى الغرب ولكن بإمكاننا أن نستثنيه بجهد ناقد واستيراد حكيم

١:٥٤ ص  
Anonymous غير معرف said...

السلام عليكم ..كلام جميل ..
لست مع هذه او تلك لا اليابان ولا اميريكا ان كانا هما النوذجين المراد الوصول اليهما او على الأقل اتباعهما مرحليا .. والسبب ان لكل شعب خصائصة و لكي نخرج من قبورنا يجب ان نبحث عن طرق خاصة بنا نحن و بطباعنا ..
لكني اتفق معك كل الاتفاق في ان الادارة هي الاسلوب الأسرع مع اني اعتقد ان صديقك كان يفكر بطرقة واقعية اذ ان المواطن العربي لا يملك الحق لإدارة نفسه فما بالك بإدارة امور اكبر من ذلك .

و شكرا
ايمان

٤:٤٨ م  

إرسال تعليق

<< Home