الاثنين، رجب ٠٦، ١٤٢٧

دولة النفط


من البدهيات التي يجب أن نتفهمها ، أن نهضة البلدان الخليجية قامت على اثر السيولة الهائلة التي وفرتها ثورة النفط ، وما نزال نعتمد على النفط كمصدر رئيسي وحيد للدخل فما الجدوى إذن من اللهث وراء مشروعات زراعية وسياحية ورياضية وجعلها الهم الرئيسي الأكبر في حين تقول التقديرات أن النفط الذي تنتجه بلادنا يشكل فرصا استثمارية عديدة لعشرات السنين حتى لو أن الطلب العالي على النفط عالميا سيقلص هذه السنوات لحد بعيد، قد يكون الأمر معقولا بالنسبة لدول أخرى أن تتجه إلى مجالات أخرى وتعطيها الأولوية ولكن كدولنا فالأمر واضح وجلي بل إن من المفترض أن نغلوا في هذا الجانب لاهتبال الفرصة التي قد لا تتكرر في تاريخ العالم مرة أخرى ، فمن يتوقع أن يكون هناك مصدر طاقة آخر حيوي وضروري ونكون نحن أيضا المصدر الرئيس له.
- بل إن الأمانة تفترض بصناع القرار أن يوجهوا الجيل للعمل بكل طاقتهم في مجال الطاقة بكافة صورها عموما ، وفي مجال النفط على وجه الخصوص، إذ لن يتوقف العالم عن الحاجة للطاقة ، كما .كما يجب الارتكاز على مجالات الطاقة والنفط في الاستثمار لمجالات أخرى بل وتعديل المناهج للتفهم الوضع الحساس والدور الريادي الذي نقوم به في هذا الجانب وما يتناول ذلك من الاهتمام بالجيولوجيا والعلوم التعدينية والاحتفاء بها لعلاقتها الوثيقة بالنفط واستخراجه.

وعلينا أن نركز اهتماماتنا على المنتجات التي تشجع استهلاك بضاعتنا الأساسية ( النفط ومشتقاته) كالتمركز حول المحرك بصفته المسرع الرئيسي لاستهلاك النفط ، فليس معنى أننا بلد النفط أن نتكئ ونعتمد على صرف عوائده ، بل يجب أن نبقى في سعي دؤوب لضمان رخاء مستمر لهذا الشعب ، فنجتهد في تحقيق أكبر فائدة ممكنة من هذا المصدر ، فالتركيز على المحرك عموما بكافة أشكاله باعتباره الوحدة التي تمثل استهلاك النفط ، وبمعنى آخر الطلب المستمر أمر مهم ، وأولوية كبرى.
ومن صور الكفاءة في استثمار النفط الحرص على تصدير مشتقات النفط ومنتجاته لا تصديره خاما فالفارق كبير جدا بين الحالتين في العائد.
- الاهتمام بالشركاء الاقتصاديين الكبار تحت أي ظرف ، فالدول الكبرى مستعدة للتضحية بأي شئ في سبيل عدم الوصول لطرق مسدودة مع مشكلة الطاقة ، وينبغي ان نفهم هذا، فالتهور الذي تمليه العواطف أمر غير عاقل ، والأصوات التي تنادي في كل أزمة وخلاف مع العالم بقطع النفط عنهم ، لا تفهم أن النفط الذي ينتجه الخليج ويصدره هو المشغل لتسعين بالمائة من مصانع العالم ، بمعنى أن أي تعثر بل تخوف بقطع هذه الامدادات سيؤدي إلى انهيار أعمال ومصالح في كل مكان وتهديد لحياة أناس كثيرين ، بل ومستقبل دول بكاملها، وعليه فإن تلك الدول مستعدة للتضحية بكل شئ لمنع أي مخاطرة كهذه ،بدءا باتفاقيات صارمة ومحكمة تنطوي على عقوبات قاسية وانتهاء بقواعد عسكرية مزروعة بعناية هنا وهناك،
الأمر الآخر هو أن اقتصادنا الهش يقوم على النفط ولا شئ غير النفط ، عوائد النفط هي ما صنع كل ما تراه ، وهذه الدول التي تتعامل معنا أو شركاؤنا الاقتصاديون الذين يأخذون ويدفعون ينبغي الاهتمام بهم لأقصى درجة ومراعاة متطلباتهم وتطمينهم إلى تعامل أكثر أمانا طالما التزموا في تعاملهم وحافظوا على مصالحنا في كل تحرك لهم يمسنا أو يتعلق بنا .
- رصد ومراقبة البحوث الحثيثة لمصادر الطاقة البديلة والتي يجري العمل عليها
وكوننا المنتج الرئيسي للنفط فيجب علينا أن نتابع بدقة كافة النشاطات البحثية والعلمية التي تدرس موضوعات الطاقة البديلة والبحث عن مصادر ارخص أو أكثر أمانا، فهي مؤثر رئيسي في ما نقوم به وفي مستقبلنا ، ففي كل يوم نسمع عن محاولات تتبناها الدول الكبرى في الاستهلاك للنفط لإيجاد مصادر بديلة أكثر اقتصادا وأكثر تنوعا في المصدر بدل " ذل النفط العربي " على حد التعبير الأمريكي.
من ذلك الجهود الناجحة التي تنفذ الآن في أمريكا في ظل ارتفاع أسعار النفط ارتفاعا فاحشا، لتصنيع وقود بديل من الذرة تعمل به السيارات مباشرة ،أو خيارات تصنيع النفط ، أو النماذج الحديثة من السيارات الكهروضوئية أو تلك التي تعمل بالهيدروجين أو بالماء والتي بلغت نتائج متقدمة كفاءة واقتصادا.
- النفط طاقة ناضبة، ما وجوه إنفاق عوائدها وماذا نقدم للأجيال التي ستوجد في عصر لا نفط فيه ، جسور وأنفاق؟!!
توصيات البنك الدولي للحكومات الخليجية بأن تصرف العوائد التي ارتفعت كثيرا بعد القفزات الهائلة في اسعار النفط ؛ في مشروعات تنتج بها سلعا تقوم بتصديرها مما يضاعف الاستفادة من تلك العوائد بدلا من انفاقها في مشروعات البنى التحتية ، ولكننا لا نزال نرى هذه المشروعات هي الشكل الأوضح لتلك الزيادات القياسية في العوائد .
- الاستمرار في توطين صناعة مشتقات النفط. ليس توطين إدارتها فقط ، وإنما كامل الطاقم العامل
هناك أمثلة رائعة تتمثل في الشركات الوطنية التي تقوم على صناعات البتروكيماويات والتي تظهر في مقدمتها وأهمها سابك ، والتي حققت نسبة كبيرة ومشرفة من توطين الصناعة ولم تقف عند حد السعودة في التوظيف فقط ، وإنما توطين الخبرة والمهارة والتقانة، وهي وإن بلغت حدا جيدا إلا أنها تعاني نقصا في مجال العمال المهرة وغير المهرة من السعوديين والفنيين، فالنقص كبير في هؤلاء، والشركات لاتحب ان تظهر بياناتها عن الموظفين لئلا تخفف من العاطفة الوطنية التي تحظى بها في الإعلام، فعندما يعرف الناس عدد غير السعوديين من كل مستوى من الموظفين أو الأعمال يعرف اننا لم نزل في حاجة إلى مزيد من توطين الخبرات،